تأملات شهر آذار مع القديس يوسف - 23 - القديس يوسف تعزية اليتامى والمهملين.

تأملات شهر آذار مع القديس يوسف - 23 - القديس يوسف تعزية اليتامى والمهملين.

إنّ أحزان الموت ومرارته يعقبها أحزان ومرائر أشدّ وأصعب, تنجلي بترك أولاد صغار لا ملجأ لهم ولا معين, وأرامل عاجزات عن سدّ حاجاتهنّ, وأخوات دون عون ومساعدة. وفي الواقع, عندما يُفارق المرء هذه الحياة, يُصبح الابن بلا أب, والمرأة بلا رجل, والاخت بلا أخ. وهذه آخر غصّات الموت!

فبالموت تندكّ أساسات العائلة, وتنقطع موارد الارتزاق, وتفقد القلوب الحزينة كلّ رجاء, وتُمسي قَلقة, مُضطربه للمستقبل. وأمام تلك الجثّة الهامدة, تتمثّل أشباح وتصوّرات الحياة المقبلة, وينطفئ مصباح تلك الأحلام الذهبيّة التي كانت تحلم بها تلكَ العائلة, راجية تحقيقها بشخصِ من فقدت.

ولعلّكِ, يا نفسي, أنتِ التي تتأملين في هذا الوضع الخطير, تتجرّعين يوماً مرارة هذه الكأس, فعليكِ أن تُسارعي إلى طلب شفاعة القديس يوسف, شفيع الأيتام والمُهمَلين, لأنّه أقدَرَ من الجميع على نجدتِكِ والإسراع إلى غوثِكِ, إذْ قد اختاره الله لإغاثة مريم ويسوع اللذين كانا مُهملين في هذا العالم, وكما قام قبلاً بمتطلبات وظيفته نحو مريم ويسوع حق ّقيام, هكذا يقوم الآن بالمهمّة التي اختاره الباري إليها, وهي إسعاف المُتعبّدين له الذين لا ملجأ لهم ولا عضد في هذا العالم. وإلا فما القصد من تسمية الكنيسة القدّيس يوسف مُربّياً للأيتام ومِن تعيين يوم ٍ للإحتفال بإكرامِه بنوعٍ خاص؟

فيا أيّها الأولاد الذين فقدتم آباءكم, هاكُم أباً آخر أقامته لكم العناية الإلهيّة من السماء.

ويا أيّتها الزوجات اللواتي تبكينَ بدموعٍ حُرَّى, فَقْدَ أزواجكنّ, تمسّكوا بالقدّيس يوسف, فإنّه يكون تعزية لكُنَّ, كما كان تعزية لأمّ الله. ويا أيّها الشيخ الذي قوّسَت السنون ظهركَ وفقدْتَ وَلَدَكَ الشّاب, موضوع آمالكَ وعصا شيخوختِكَ, إجعل رجاءك بالقدّيس يوسف راسِخاً, ويا أيَها البشر أجمعون, استغيثوا بالقدّيس يوسف في إبّان المصائب التي تُداهمكم, فإنّكم تَجِدونَ فيه ما يُنعِشَ أرواحكم ويُعزّي قلوبكم الحزينة.

أيّها القدّيس العظيم, ضمّد جراح الذين فقدوا أعزاءهم, واستمِدّ لهم نِعمة الصبر والعزاء من إله التعزيات!