مشاهد حول حادثة القيامة/ج3
صفحة 1 من اصل 1
مشاهد حول حادثة القيامة/ج3
3 - الدفن:
المعلومات التي عندنا عن دفن المسيح في قبر يوسف الرامي تفوق في تفصيلاتها أي معلومات تاريخية عندنا عن دفن أي شخص آخر، سواء من العهد القديم، أو ملوك بابل، أو فراعنة مصر، أو فلاسفة الأغريق، أو قياصرة الرومان. إننا نعرف من أخذ جسده من على الصليب، ونعلم شيئاً عن تعطير جسده بالأطياب وعن أكفانه، ونعرف القبر الذي دُفن فيه واسم صاحبه، يوسف الرامي، ونعرف أن موضع القبر كان في بستان قريب من مكان الصلب، خارج أسوار المدينة. وعندنا أربعة سجلات تاريخية عن الدفن، تتوافق كلها، واحد منهم هو متى تلميذ المسيح الذي حضر حادثة الصلب. والثاني مرقس الذي كتب قصته بعد صعود المسيح بأقل من عشر سنوات. والثالث لوقا رفيق بولس والمؤرخ العظيم. والرابع يوحنا آخِر من غادر مكان الصلْب، وكان مع بطرس، أول التلاميذ الاثني عشر، اللذين رأيا القبر الفارغ (3).
ويقول المؤرخ ألفرد إدرشايم: لم يكن الأغنياء وحدهم هم الذين يملكون قبوراً خاصة، بل كان متوسِّطو الحال يفعلون ذلك، كانوا يجهزون القبر قبل الحاجة إليه بوقت طويل. وكانوا يحفرون القبور في الصخور ويضعون فيها الجسد بعد تعطيره بالأطياب والحنوط وماء الورد وزيته. وكانوا يلفّون الجسد بالأكفان، وفي أقمشة قديمة تكون غالباً قد سبق أن لُفَّت بها كتب الشريعة. وكانت القبور أحياناً كهوفاً طبيعية (11).
ويقول إدرشايم عن دفن المسيح: لعله بسبب اقتراب السبت وضرورة الاستعجال، أن يوسف الرامي اقترح دفن المسيح في قبره الجديد الذي لم يسبق لأحد أن وُضع فيه. وأُنزل الصليب إلى مستوى الأرض، وجُذبت منه المسامير الخشنة. ولفَّ يوسف الرامي ومن معه الجسد بقماش من الكتان النقي، وأسرع به إلى قبره المنحوت في الصخر في بستان قريب، حيث يلائم النحت وضع جسد الميت. وكانوا عادة يلحقون بالقبر غرفة نحو تسعة أقدام مربعة يضعون فيها التابوت، وفيها يتمكن حاملو الميت من القيام بآخر الواجبات من نحو الجثة .
ولقد تمَّ تطييب الجسد في تلك الغرفة الملحقة بالقبر. وكانوا عادة يستخدمون كمية كبيرة من المرّ والعود على جسد ذي المكانة الخاصة . ويخبرنا إنجيل يوحنا أن نيقوديموس أحضر نحو مئة مناً (نحو سبعين رطلاً) من الأطياب لتكفين جسد يسوع.
ولا بد أن يوسف الرامي أراد أن يعّوض جُبْنه من نحو المسيح، فاشترى الكثير من الأطياب كما أنه كان غنياً. ولم تكن كمية الأطياب - مع ضخامتها - غير عادية، فقد طيَّبوا جسد غمالائيل (معاصر يسوع) بنحو ثمانين رطلاً من الأطياب.
ويصف يوسيفوس، المؤرخ اليهودي في القرن الأول الميلادي، جنازة أرستوبولوس الذي قُتل وهو في الثامنة عشرة من عمره، وكان رئيساً للكهنة لمدة سنة واحدة فقط، قال إن الملك هيرودس بذل عناية خاصة لتجهيز القبر الذي يُوضع فيه الجسد، وزّوَده بكمية كبيرة من الأطياب، ودفن معه بعض أدوات الزينة .
ولقد كان المرّ دواء يلصق بالجسد ويلتحم به حتى يصعب نزع الأكفان عن بدن الميت. وكانت عادة اليهود في التكفين أن يغسلوا الجسد، ويسّووه، ثم يلفّونه من الإِبطين إلى الكعبين بقماش كتاني بعرض قدم (30 سم). وكانوا يضعون الأطياب بين طيات الأكفان لحفظ الجسد وللصق الكتان. وتعبير يوحنا تعبير دقيق لفاه بأكفان مع الأطياب .
وفي صباح اليوم الأول بعد الدفن اختفى جسد يسوع، لكن بقيت الأكفان!
ولقد اتبع يوسف الرامي الوصية القائلة: فَلَا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذ لِكَ الْيَوْمِ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللّهِ. فَلَا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِل هُكَ نَصِيباً (تثنية 21: 23). ويعلّق بولس على هذا قائلاً: اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لِأَجْلِنَا، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ (غلاطية 3: 13).
ولا زالت عادات الدفن قائمة حتى اليوم في الشرق، فالجثة تُغسَّل، وتُلف بالأكفان، وتُطيَّب بالأطياب، ويُغطى الوجه بمنديل (يوحنا 11: 44).
4 - الحجر:
كان اليهود عادة يضعون حجراً على باب القبر ليحفظ جسد الميت من عَبَث الناس والحيوانات. وكان الحجر عادة ثقيلاً يحتاج لبضعة رجال ليزحزحوه. ولما كان قبر المسيح مهدداً باحتمال سرقة التلاميذ له، فقد اختاروا له حجراً ضخماً أكبر من المعتاد. وقد وُجد في نسخة قديمة (نسخة بيزا) من القرن الثاني لإنجيل مرقس تعليق بين قوسين على مرقس 16: 4 : فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لِأَنَّهُ كَانَ عَظِيماً جِدّ (لا يستطيع عشرون رجلاً أن يزحزحوه) . وكانت العادة أن يكتب القرَّاء ملاحظاتهم على هامش الإنجيل. لكن كتابة هذه العبارة بين قوسين وسط النص يعني أن هذه ملاحظة قديمة، لعل شخصاً معاصراً شاهد عيان كتبها تعليقاً على ضخامة الحجر، وكانت ضخامة الحجر قد أدهشته .
وتوضح القصة الكتابية أن الحجر كان ضخماً، حتى أن النسوة لم يكنَّ قادرات على دحرجته. ويقول المؤرخ إدرشايم، اليهودي الأصل: وهكذا وضعوا جسده داخل القبر الجديد المنحوت في الصخر، وعند خروجهم دحرجوا حجراً عظيماً جداً على الباب، حسب عادة اليهود، اسمه جوليل . ولعلهم سندوا الحجر الكبير بحجر آخر صغير يسمونه دوفج . والأغلب أن السلطات وضعت الختم عند اتصال الحجرين حتى يظهر أقل تغيُّر يطرأ عليهما .
ويقدم المحامي فرنك موريسون في كتابه من دحرج الحجر؟ تعليقاً على زيارة مريم وصديقاتها لقبر يسوع باكراً صباح الأحد فيقول: لا بد أن مسألة دحرجة الحجر شكَّلت حيرة ملحوظة للنسوة، فقد رأت اثنتان منهن على الأقل المنظر من قبل وعرفتا الموقف. وكان الحجر الكبير على الباب محل حيرتهن. وتقول أقدم الروايات الإنجيلية، وهي رواية مرقس وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ (مرقس 16: 3) وهذا يُرينا أن مشكلة الحجر لم تكن مشكلة نفسية وحسب، لكنها كانت عنصراً تاريخياً في الموقف كله إلى أن وصلن إلى القبر .
ويدعو موريسون الحجر الشاهد الصامت الذي لا يخطئ ويقول إن هناك حقائق تستدعي الدراسة الدقيقة والبحث في مسألة الحجر: أولاً حجمه وصفاته. لا شك أنه كان كبيراً ثقيل الوزن، حتى يقول مرقس: كان عظيماً جداً . ويقول متى: دحرج حجراً كبيراً على باب القبر . وقد حارت النسوة في تحريكه. ولو لم يكن ثقيلاً ما تحيَّرت ثلاث نسوة في مشكلة دحرجته، فلا بد أنه كان أثقل مما يستطعن زحزحته .
5 - الختم:
يقول متى: فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِا لْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ (متى 27: 66) وكانت إحدى طرق الختم أن يشدّوا حبلاً على الحجر يثبتونه من طرفيه بصلصال لاصق، كما قيل في دانيال 6: 17 وَأُتِيَ بِحَجَرٍ وَوُضِعَ عَلَى فَمِ الْجُبِّ وَخَتَمَهُ الْمَلِكُ بِخَاتِمِهِ وَخَاتِمِ عُظَمَائِهِ، لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ الْقَصْدُ فِي دَانِيآلَ . ولقد تمَّ الختم في حضور عسكر الرومان الذين بقوا لحراسة القبر ليمنعوا السرقة أو القيامة، لكنهم أصبحوا شاهداً جديداً على القيامة!
وكان الرومان يضعون الأختام ليبرهنوا على صحة الأمر وصدقه، كما كانوا يضعونه على الوصايا والوثائق الهامة، ليحل محل التوقيع والإمضاء. وكان الختم ضماناً للسرية، إذ لا بد من فض الختم قبل الاطلاع على محتويات الوثائق.
كان الختم على الحجر إذاً ضماناً لعدم زحزحته عن باب القبر، إذ أن أي تحريك له يكسر الأختام. وهو كما ذكرنا يكون بشدّ حبل على الحجر يثبتونه من طرفيه بصلصال لاصق ثم يختم على الصلصال، أو بوَضْع عارضتي خشب بهيئة صليب، فوق الحجر، يختمون أطرافها الأربعة إلى باب القبر. وقد تم كل هذا أمام الحراس لضمان سلامة الختم الذي كان يمثّل كرامة الامبراطورية الرومانية، وكل من يتعدى عليه، فإنه يتعدى على شرف الامبراطورية.
قال القديس يوحنا فم الذهب، أسقف القسطنطينية في القرن الرابع، عن إجراءات الأمن التي اتُّخذت عند قبر المسيح:
ذهب قادة اليهود إلى بيلاطس قائلين: يا سيد، قد تذكَّرنا أن ذلك المضلّ قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم. فمُرْ بضبط القبر إلى اليوم الثالث، لئلا يأتي تلاميذه ويسرقوه ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات . وعلى هذا فقد وجب أن يُختَم الحجر على باب القبر. وهذا الختم، وهذه الحراسة المشددة دليل واضح على عدم وجود خداع في قيامة المسيح. ولما كانت هذه الإجراءات قد اتُّخذت فإن وجود القبر خالياً برهان قاطع على أنه قام. هل ترى إذاً كيف قدموا البرهان على صدق حقيقة القيامة، دون قصد؟ .
المعلومات التي عندنا عن دفن المسيح في قبر يوسف الرامي تفوق في تفصيلاتها أي معلومات تاريخية عندنا عن دفن أي شخص آخر، سواء من العهد القديم، أو ملوك بابل، أو فراعنة مصر، أو فلاسفة الأغريق، أو قياصرة الرومان. إننا نعرف من أخذ جسده من على الصليب، ونعلم شيئاً عن تعطير جسده بالأطياب وعن أكفانه، ونعرف القبر الذي دُفن فيه واسم صاحبه، يوسف الرامي، ونعرف أن موضع القبر كان في بستان قريب من مكان الصلب، خارج أسوار المدينة. وعندنا أربعة سجلات تاريخية عن الدفن، تتوافق كلها، واحد منهم هو متى تلميذ المسيح الذي حضر حادثة الصلب. والثاني مرقس الذي كتب قصته بعد صعود المسيح بأقل من عشر سنوات. والثالث لوقا رفيق بولس والمؤرخ العظيم. والرابع يوحنا آخِر من غادر مكان الصلْب، وكان مع بطرس، أول التلاميذ الاثني عشر، اللذين رأيا القبر الفارغ (3).
ويقول المؤرخ ألفرد إدرشايم: لم يكن الأغنياء وحدهم هم الذين يملكون قبوراً خاصة، بل كان متوسِّطو الحال يفعلون ذلك، كانوا يجهزون القبر قبل الحاجة إليه بوقت طويل. وكانوا يحفرون القبور في الصخور ويضعون فيها الجسد بعد تعطيره بالأطياب والحنوط وماء الورد وزيته. وكانوا يلفّون الجسد بالأكفان، وفي أقمشة قديمة تكون غالباً قد سبق أن لُفَّت بها كتب الشريعة. وكانت القبور أحياناً كهوفاً طبيعية (11).
ويقول إدرشايم عن دفن المسيح: لعله بسبب اقتراب السبت وضرورة الاستعجال، أن يوسف الرامي اقترح دفن المسيح في قبره الجديد الذي لم يسبق لأحد أن وُضع فيه. وأُنزل الصليب إلى مستوى الأرض، وجُذبت منه المسامير الخشنة. ولفَّ يوسف الرامي ومن معه الجسد بقماش من الكتان النقي، وأسرع به إلى قبره المنحوت في الصخر في بستان قريب، حيث يلائم النحت وضع جسد الميت. وكانوا عادة يلحقون بالقبر غرفة نحو تسعة أقدام مربعة يضعون فيها التابوت، وفيها يتمكن حاملو الميت من القيام بآخر الواجبات من نحو الجثة .
ولقد تمَّ تطييب الجسد في تلك الغرفة الملحقة بالقبر. وكانوا عادة يستخدمون كمية كبيرة من المرّ والعود على جسد ذي المكانة الخاصة . ويخبرنا إنجيل يوحنا أن نيقوديموس أحضر نحو مئة مناً (نحو سبعين رطلاً) من الأطياب لتكفين جسد يسوع.
ولا بد أن يوسف الرامي أراد أن يعّوض جُبْنه من نحو المسيح، فاشترى الكثير من الأطياب كما أنه كان غنياً. ولم تكن كمية الأطياب - مع ضخامتها - غير عادية، فقد طيَّبوا جسد غمالائيل (معاصر يسوع) بنحو ثمانين رطلاً من الأطياب.
ويصف يوسيفوس، المؤرخ اليهودي في القرن الأول الميلادي، جنازة أرستوبولوس الذي قُتل وهو في الثامنة عشرة من عمره، وكان رئيساً للكهنة لمدة سنة واحدة فقط، قال إن الملك هيرودس بذل عناية خاصة لتجهيز القبر الذي يُوضع فيه الجسد، وزّوَده بكمية كبيرة من الأطياب، ودفن معه بعض أدوات الزينة .
ولقد كان المرّ دواء يلصق بالجسد ويلتحم به حتى يصعب نزع الأكفان عن بدن الميت. وكانت عادة اليهود في التكفين أن يغسلوا الجسد، ويسّووه، ثم يلفّونه من الإِبطين إلى الكعبين بقماش كتاني بعرض قدم (30 سم). وكانوا يضعون الأطياب بين طيات الأكفان لحفظ الجسد وللصق الكتان. وتعبير يوحنا تعبير دقيق لفاه بأكفان مع الأطياب .
وفي صباح اليوم الأول بعد الدفن اختفى جسد يسوع، لكن بقيت الأكفان!
ولقد اتبع يوسف الرامي الوصية القائلة: فَلَا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذ لِكَ الْيَوْمِ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللّهِ. فَلَا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِل هُكَ نَصِيباً (تثنية 21: 23). ويعلّق بولس على هذا قائلاً: اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لِأَجْلِنَا، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ (غلاطية 3: 13).
ولا زالت عادات الدفن قائمة حتى اليوم في الشرق، فالجثة تُغسَّل، وتُلف بالأكفان، وتُطيَّب بالأطياب، ويُغطى الوجه بمنديل (يوحنا 11: 44).
4 - الحجر:
كان اليهود عادة يضعون حجراً على باب القبر ليحفظ جسد الميت من عَبَث الناس والحيوانات. وكان الحجر عادة ثقيلاً يحتاج لبضعة رجال ليزحزحوه. ولما كان قبر المسيح مهدداً باحتمال سرقة التلاميذ له، فقد اختاروا له حجراً ضخماً أكبر من المعتاد. وقد وُجد في نسخة قديمة (نسخة بيزا) من القرن الثاني لإنجيل مرقس تعليق بين قوسين على مرقس 16: 4 : فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لِأَنَّهُ كَانَ عَظِيماً جِدّ (لا يستطيع عشرون رجلاً أن يزحزحوه) . وكانت العادة أن يكتب القرَّاء ملاحظاتهم على هامش الإنجيل. لكن كتابة هذه العبارة بين قوسين وسط النص يعني أن هذه ملاحظة قديمة، لعل شخصاً معاصراً شاهد عيان كتبها تعليقاً على ضخامة الحجر، وكانت ضخامة الحجر قد أدهشته .
وتوضح القصة الكتابية أن الحجر كان ضخماً، حتى أن النسوة لم يكنَّ قادرات على دحرجته. ويقول المؤرخ إدرشايم، اليهودي الأصل: وهكذا وضعوا جسده داخل القبر الجديد المنحوت في الصخر، وعند خروجهم دحرجوا حجراً عظيماً جداً على الباب، حسب عادة اليهود، اسمه جوليل . ولعلهم سندوا الحجر الكبير بحجر آخر صغير يسمونه دوفج . والأغلب أن السلطات وضعت الختم عند اتصال الحجرين حتى يظهر أقل تغيُّر يطرأ عليهما .
ويقدم المحامي فرنك موريسون في كتابه من دحرج الحجر؟ تعليقاً على زيارة مريم وصديقاتها لقبر يسوع باكراً صباح الأحد فيقول: لا بد أن مسألة دحرجة الحجر شكَّلت حيرة ملحوظة للنسوة، فقد رأت اثنتان منهن على الأقل المنظر من قبل وعرفتا الموقف. وكان الحجر الكبير على الباب محل حيرتهن. وتقول أقدم الروايات الإنجيلية، وهي رواية مرقس وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ (مرقس 16: 3) وهذا يُرينا أن مشكلة الحجر لم تكن مشكلة نفسية وحسب، لكنها كانت عنصراً تاريخياً في الموقف كله إلى أن وصلن إلى القبر .
ويدعو موريسون الحجر الشاهد الصامت الذي لا يخطئ ويقول إن هناك حقائق تستدعي الدراسة الدقيقة والبحث في مسألة الحجر: أولاً حجمه وصفاته. لا شك أنه كان كبيراً ثقيل الوزن، حتى يقول مرقس: كان عظيماً جداً . ويقول متى: دحرج حجراً كبيراً على باب القبر . وقد حارت النسوة في تحريكه. ولو لم يكن ثقيلاً ما تحيَّرت ثلاث نسوة في مشكلة دحرجته، فلا بد أنه كان أثقل مما يستطعن زحزحته .
5 - الختم:
يقول متى: فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِا لْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ (متى 27: 66) وكانت إحدى طرق الختم أن يشدّوا حبلاً على الحجر يثبتونه من طرفيه بصلصال لاصق، كما قيل في دانيال 6: 17 وَأُتِيَ بِحَجَرٍ وَوُضِعَ عَلَى فَمِ الْجُبِّ وَخَتَمَهُ الْمَلِكُ بِخَاتِمِهِ وَخَاتِمِ عُظَمَائِهِ، لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ الْقَصْدُ فِي دَانِيآلَ . ولقد تمَّ الختم في حضور عسكر الرومان الذين بقوا لحراسة القبر ليمنعوا السرقة أو القيامة، لكنهم أصبحوا شاهداً جديداً على القيامة!
وكان الرومان يضعون الأختام ليبرهنوا على صحة الأمر وصدقه، كما كانوا يضعونه على الوصايا والوثائق الهامة، ليحل محل التوقيع والإمضاء. وكان الختم ضماناً للسرية، إذ لا بد من فض الختم قبل الاطلاع على محتويات الوثائق.
كان الختم على الحجر إذاً ضماناً لعدم زحزحته عن باب القبر، إذ أن أي تحريك له يكسر الأختام. وهو كما ذكرنا يكون بشدّ حبل على الحجر يثبتونه من طرفيه بصلصال لاصق ثم يختم على الصلصال، أو بوَضْع عارضتي خشب بهيئة صليب، فوق الحجر، يختمون أطرافها الأربعة إلى باب القبر. وقد تم كل هذا أمام الحراس لضمان سلامة الختم الذي كان يمثّل كرامة الامبراطورية الرومانية، وكل من يتعدى عليه، فإنه يتعدى على شرف الامبراطورية.
قال القديس يوحنا فم الذهب، أسقف القسطنطينية في القرن الرابع، عن إجراءات الأمن التي اتُّخذت عند قبر المسيح:
ذهب قادة اليهود إلى بيلاطس قائلين: يا سيد، قد تذكَّرنا أن ذلك المضلّ قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم. فمُرْ بضبط القبر إلى اليوم الثالث، لئلا يأتي تلاميذه ويسرقوه ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات . وعلى هذا فقد وجب أن يُختَم الحجر على باب القبر. وهذا الختم، وهذه الحراسة المشددة دليل واضح على عدم وجود خداع في قيامة المسيح. ولما كانت هذه الإجراءات قد اتُّخذت فإن وجود القبر خالياً برهان قاطع على أنه قام. هل ترى إذاً كيف قدموا البرهان على صدق حقيقة القيامة، دون قصد؟ .
ندى الور- مساعد المشرف العام
- عدد المساهمات : 2691
نقاط : 7825
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
العمر : 47
مواضيع مماثلة
» مشاهد حول حادثة القيامة/ج1
» مشاهد حول حادثة القيامة/ج2
» مشاهد حول حادثة القيامة/ج4
» عظة أحد القيامة المجيدة.
» عظة أحد القيامة المجيدة.
» مشاهد حول حادثة القيامة/ج2
» مشاهد حول حادثة القيامة/ج4
» عظة أحد القيامة المجيدة.
» عظة أحد القيامة المجيدة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى