تذكار حبل القديسة حنة بسيدتنا مريم العذراء (الحبل بلا دنس) / 8 كانون الأول.

تذكار حبل القديسة حنة بسيدتنا مريم العذراء (الحبل بلا دنس) / 8 كانون الأول.

تحتفل الكنيسة المقدسة اليوم, بعيد الحبل بسيدتنا مريم العذراء, في أحشاء والدتها القديسة حنة, بريئة من وصمة الخطيئة الأصلية. وهذا كان اعتقاد الكنيسة الشرقية منذ العصور الأولى, يوم كانت بعيّد "لحبل حنة" بوالدة الإله. وهذا ما تدلّ عليه دلالة صريحة وتترنّم به صلواتنا الطقسية السريانية في فروضنا على تنوّعها. مشيرة إلى أنّ الثالوث الأقدس اختارها لتكون أما للكلمة المتجسّد, فتناديها بهذا النشيد: "أيتها المباركة في النساء, يا من بواسطتها استؤصِلتْ لعنَةُ الأرض... أيتها العغيفة المملوءة من محاسن القداسة التي يعجز فمي عن وصف قدْرها السامي. المجدُ للآب الذي اختار مريم من بين القبائل جميعها. والسجود للإبن الذي أشرق منها بقداسة. والشكر للروح القدس الذي ملأها غنىّ وثروةً وافرةً من النعم".

وتدليلا على شرف العذراء وبراءتها من الخطيئة الأصلية, تفيض تلك الصلوات بوصفها بأجمل النعوت وإبداعها.

وتلمّحُ إلى ما قاله الله للحية بعد السقطة الآدمية: "أجعل عداوةً بينكِ وبين المرأة, فهي تسحق رأسكِ". وتجعلُ المقابلة بين حواء الأولى وحواء الثانية, أي العذراء. فإن حواء الأولى جلبت الموت للجنس البشري, أما حواء الثانية وَلدَت الحياة للعالم. وكفى بقول الملاك لها في بشارته: "يا ممتلئة نعمة".

وأقوال الآباء القدّيسين وعلماء الكنيسة تؤكدُ هذه العقيدة عبر الأجيال. فلقـّبتها الكنيسة وما زالت تنادي بها: تابوت العهد, وبيت الذهب, وسلطانة السماوات والأرض, وسلطانة الحبل بلا دنس, وأم الحياة, وأم النور. وقد أصبحت هذه الحقيقة عقيدة ايمانية يوم قام البابا بيوس التاسع في الثامن من شهر كانون الأول سنة ١٨٥٤ بإعلان "أن مريم البتول قد تنزهت عن الخطيئة الأصلية. وأن الله حفظ نفسها من تلك الخطيئة منذ اللحظة الأولى, وذلك منـّة خاصة مِنـْهُ, بفضل استحقاقات ابنه الوحيد سيدنا يسوع المسيح مخلص البشر".

وفي سنة ١٨٥٨, كان ظهور العذراء للإبنة برناديت في قرية لورد, إثباتا وتأكيدا لهذه العقيدة, إذ قالت لبرناديت - عندما سألتها من أنت؟ - "أنا الحبل بلا دنس".

وانتشرت أخويات الحبل بلا دنس في الغرب والشرق, لتضم الألوف تحت راية العذراء المجيدة. وبعد مرور مئة سنة على تلكَ العقيدة, أقام لها السعيد الذكر البابا بيوس الثاني عشر التذكار المئوي الأول في السنة ١٩٥٤, التي أعلنها سنة مريمية. حفظنا الله بشفاعتها من كلّ شرّ روحي وزمني.
صلاتها معنا. آمين.