كلام الحياة - من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس يوحنا الأنجيلي البشير.

كلام الحياة - من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس يوحنا الأنجيلي البشير.

(يوحنا ٧ : ١ - ١٣)
قالَ يوحنا الرسول: وكانَ يَسوعُ، بَعْدَ ذَلِك، يَتَجَوَّلُ في الجَليل، ولا يَشاءُ التَّجَوُّلَ في اليَّهوديَّة، لأنَّ اليَهودَ كانوا يَطْلُبونَ قَتْلَهُ. وكانَ عيدُ اليَهود، عيدُ المَظالِّ، قريباً. فَقالَ لَهُ إخْوَتُهُ: "إنْتَقِلْ مِنْ هُنا، واذهَبْ إلى اليَهوديَّة، لِكَي يُشاهِدَ تَلاميذُكَ أيْضاً الأعْمالَ الَّتي تَصْنَعُها. فضلا أحَدَ يَعْمَلُ شَيئاً في الخَفاء، وهُوَ يَبْتَغي الظُّهور. إنْ كُنْتَ تَصْنَعُ هَذهِ الأعْمال، فَأظْهِرْ نَفْسَكَ لِلعالَم"، لأنَّ إخْوَتَهُ أنْفُسَهُم ما كانوا يؤمِنونَ بِه. فَقالَ لَهُم يَسوع: "ما حانَ وَقْتي بَعْد، أمَّا وقْتَكُم فَهُوَ حاضِرٌ في كُلِّ حين. لا يَقْدِرُ العلَمُ أنْ يُبْغِضَكُم، لَكِنَّهُ يُبْغِضُني، لأنِّي أشْهَدُ عَلَيْهِ أنَّ أعْمالَهُ شِرِّيرَة. إصْعَدوا أنْتُم إلى العيد، وأنا لا أصْعَدُ إلى هَذا العيد، لأنَّ وَقْتي ما تَمَّ بَعْد". قالَ لَهُم هَذا، وبَقيَ في الجَليل. وبَعْدَما صَعِدَ إخْوَتُهُ إلى العيد، صَعِدَ هُوَ أيْضاً، لا ظاهِراً بَلْ في الخَفاء. فَكانَ اليَهودُ يَطْلُبونَهُ في العيد، ويَقولونَ: "أيْنَ هُوَ ذاكَ؟". وكانَ في الجَمْع ِتَهامُسٌ كَثيرٌ في شَأنِه. كانَ بَعْضُهُم يَقول: "إنَّهُ صالِح"، وآخَرونَ يَقولون: "لا، بَلْ هُوَ يُضَلِّلُ الجَمْع". وما كانَ أحَدٌ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ عَلَناً، خَوفاً مِنَ اليهود.

الشرح:
***عيد القديسة رفقا***.
"مَرثا، مَرثا، إنَّكِ تَهتَمّينَ بِأُمورٍ كَثيرَة، وَتَضْطَرِبين!"... أيوجد هنالك مَن يجب أن نطبّق عليه كلام الربّ هذا أكثر من المسؤولين عن الجماعات؟ فمَن هو الذي يهتمّ بأمور كثيرة غير ذلك الذي يجب عليه أن يهتمّ بمريم المتأمّلة وبلعازر أخيها وبآخرين أيضًا؟ فنحن نعرف مرتا لقلقها واهتمامها بأمور كثيرة: هي كالرسول الذي يحمل على عاتقه مسؤوليّة "الاهتمام بكلّ الكنائس" (2كو11: 28)، والذي يحرص على أن يعتني الرّعاة برعاياهم. قال الربّ: "فمَن يكون ضعيفًا ولا أكون ضعيفًا؟ ومَن تزلّ قدمه ولا أحترق أنا؟" (2كو11: 29). فلتستقبل مرتا إذاً الربّ في بيتها لأنّه أوكل إليها إدارة المنزل... كذلك الأمر بالنسبة إلى مَن يتقاسمون مهمّاتها، عليهم أن يستقبلوا الربّ في بيوتهم، كلٌّ بحسب المهمّة الموكلة إليه؛ عليهم أن يستقبلوا المسيح ويخدموه، ويساعدوه في خدمة رعيّته، والمرضى، والفقراء، والمسافرين والحجّاج.

وبينما هم ينفّذون هذه المهمّات، فلتجلس مريم بسلام لأنّها تعلم "كم أنّ الربّ طيّب" (مز34: 9). فلتحرص على أن تجلس على قدمَيّ يسوع وقلبها ممتلئ حبًّا وروحها سلامًا، من دون أن تفارقه نظراتها، تتنبّه لكلّ كلمة ينطق بها، وتتأمّل وجهه البهيّ وكلماته الجميلة. قال المزمور: "إنّك أجمل بني آدم والظّرف على شفتَيك انسكب" (مز45: 3)، فهو أجمل من الملائكة في قمّة مجدهم. إفرحي يا مريم ومجّدي الربّ، فقد اخترت النّصيبَ الأفضَل. طوبي للعيون التي ترى ما ترَين، وللآذان التي تستحقّ أن تسمع ما تسمعين (متى13: 16). كم أنت سعيدة، خاصّة لأنّك تسمعين قلب الربّ يخفق في قلب هذا الصمت حيث يحلو للإنسان أن ينتظر مجيء سيّده!