تذكار القديس النبي زكريا والد يوحنا المعمدان / 5 ايلول
صفحة 1 من اصل 1
تذكار القديس النبي زكريا والد يوحنا المعمدان / 5 ايلول
تذكار القديس النبي زكريا والد يوحنا المعمدان / 5 ايلول
يقع تذكار القدّيس النبيّ زكريّا في الخامس من شهر أيلول، وهو والد القدّيس يوحنّا المعمدان، وزوج أليصابات العاقر التي ولدت يوحنّا. وقد ورد ذكره في إنجيل لوقا عندما بشّره جبرائيل، ملاك الربّ، بولادة وحيده يوحنّا (5:1-22)، ويرد ذكره ثانيةً في الإنجيل ذاته عند ولادة يوحنّا (57:1-66)، وينتهي الإصحاح الأوّل من إنجيل لوقا بنشيد نبويّ تلاه زكريّا (67:1-80). ويشير الإنجيليّ لوقا إلى كون زكريّا وزوجته ينتميان كلاهما إلى عائلة من أصل كهنوتيّ، فزكريّا من فرقة أبيّا، أمّا أليصابات فمن سلالة هارون.
أفضل وصف لزكريّا وأليصابات نجده على لسان القدّيس لوقا الإنجيليّ حيث يقول عنهما: "كانا كلاهما بارّين عند الله، سالكين في جميع وصاياه وأحكامه، ولا لوم عليهما" (6:1). والزوجان كانا ينتظران، على غرار شعب الله في العهد القديم، مجيء المسيح المخلّص الذي تحدّث عنه الأنبياء قديمًا. بيد أنّهما كانا متألّمين من عدم الإنجاب، ذلك أنّ العقر كان يعدّ دليلاً على عدم رضى الله عن الزوجين، من هنا قول أليصابات بعد حبلها: "هذا ما صنع الربّ إليّ يوم نظر إليّ ليزيل عنّي العار من بين الناس" (لوقا 25:1). لكنّ الله، على العكس من المعتقدات التي كانت سائدة آنذاك، أعدّ لهما نعمة خاصّة هي إنجابهما يوحنّا السابق الذي يعدّ الطريق لمجيء المسيح المنتظر. فبطل أن يكون العقر بعد حبل أليصابات بيوحنّا عارًا.
ظهر ملاك الربّ على زكريّا في الهيكل وبشّره بأنّ الله قد سمع دعاءه وستلد امرأته أليصابات ابنًا يسمّيه يوحنّا. غير أنّ زكريّا لم يصدّق قول الملاك طالبًا منه علامةً لصحّة كلامه ومذكّرًا إيّاه بأنّه طعن في السنّ، وأنّ الشيب غزا رأسه، بالإضافة إلى كون زوجته عاقرًا. فقال له جبرائيل إنّه سيبقى صامتًا لا يتكلّم إلى حين ولادة الطفل الموعود. واللافت في هذه البشارة أنّ الملاك قد أتى إلى والد الطفل لا إلى أمّه، فيما أتى الملاك إلى مريم يبشّرها بولادة الربّ يسوع. وقـد رأى أوغـسطـينُس المغـبـوط (+430)، في إحـدى عظاته، أنّ الله "خصّ الأب بالخبر لأنّ يوحنّا سيأتي من اقتران الـذكـر بـالأنـثـى"، ولـذلـك أتـى إلـى مـصـدر الـزرع لا إلى مستودع الرحم. وفي المقابل أتى الملاك إلى مريم مبشّرًا وليس إلى يوسف، لأنّ مصدر الزرع ليس يوسف بل الروح القدس.
إذ يتابع أغسطينُس المقارنة بين البشارة بولادة يوحنّا، والبشارة بولادة المسيح من مريم يلاحظ أنّ "يوحنّا يولد لعجوز عاقر، والمسيح يولد لفتاة عذراء. الرحم العاقر يلد يوحنّا، والحشا البتوليّ يلد المسيح. وُلد يوحنّا بعد أن كانت السنّ الطبيعيّة لخصوبة الأبوين قد انقضت، ووُلد المسيح من دون أن تكون لأمّه علاقة زوجيّة". ولا يغفل أغسطينُس الإشارة إلى أنّ الكنيسة تنظر إلى ولادة يوحنّا نظرة مقدّسة، ولذلك "عندما نحتفل بولادة يوحنّا، فإنّما نحتفل بولادة المسيح أيضًا". ويختم أغسطينُس هذه العظة مستعملاً المعنى الرمزيّ للحدث، فيقول: "يولد يوحنّا عند مغيب شمس النهار وإرساء الليل سدوله. يولد المسيح عند انقضاء الظلام وابتداء الصبح بالانبلاج". يتضمّن هذا القول إشارة إلى انتهاء العهد القديم مع ولادة يوحنّا، وإلى بداية العهد الجديد مع ميلاد الربّ يسوع. وفي الإطار عينه يقول القدّيس أفرام السريانيّ (+373) إنّ أليصابات العجوز ولدت "آخر الأنبياء".
بعد ولادة يوحنّا عاد النطق سليمًا إلى زكريّا "وامتلأ من الروح القدس فتنبّأ" (لوقا 67:1). وسجّل له لوقا نشيدًا نبويًّا يربط فيه بين العهدين القديم والجديد، ومذكّرًا فيه بعظائم الله الخلاصيّة في الماضي وملمّحًا إلى بدء تحقّقها مع بزوغ فجر جديد. يؤكّد زكريّا في بداية نشيده على التجسّد والفداء الذي حصل بيسوع المسيح، فيبارك للربّ "لإنّه افتقد شعبه وافتداه". ثمّ يعيد التذكير بالعهد المقدّس، الذي بدأ مع إبراهيم أبينا، الذي خلاصته أن نعبده غير خائفين "في قداسة وبرّ أمامه طوال أيّام حياتنا". ويعتبر أوريجنّس (+235) أنّ في إلماح زكريّا إلى الخلاص من الأعداء والنجاة منهم إشارة إلى "الأعداء الروحيّين لا المادّيّين"، فالمسيح بذل نفسه من أجل القضاء على الخطيئة وتحرير الناس من سلطتها البغيضة.
يتوجّه زكريّا في خاتمة نشيده إلى ابنه، وهو ما زال طفلاً في المهد، بالقول إنّه سيدعى "نبيّ العليّ"، ذلك لأنّه سيـسـير أمـام الـربّ ليعدّ طرقه، وسيعلّم الشعب الخلاص بغفران الخطايا. لا يجد أوريجنّس غرابةً في كلام زكريّا مع ابنه، بل يعتقد أنّ يوحنّا قد فهم ما قاله له أبوه: "عندما سمع يوحنّا بيسوع ارتكض في بطن أمّه، وقفز فرحًا. فلماذا لا تؤمن بأنّ يوحنّا قادر على فهم نبوّة أبيه يوم يولد؟". أمّا كيرلّس الإسكندريّ (+444) فيجد في قول زكريّا ليوحنّا إنّه سيكون نبيّ العليّ أنّ الله سيقيم يوحنّا نبيًّا مثل سائر الأنبياء قبله.
أدرك زكريّا النبيّ أنّ عهد الخلاص قد أزف. وعلى غرار سمعان النبيّ الذي حمل الطفل يسوع على ذراعيه عند تقدمته إلى الهيكل، وعلى غرار حنّة ابنة فانوئيل النبيّة التي أعلنت مجيء الفادي (لوقا 22:2-40)، زكريّا النبيّ كان من مجموعة أبرار عاينت مجيء الربّ فشهدت أنّ الربّ صادق في مواعيده وفي تدبيره الخلاصيّ.
صلاته تكون معنا..ولربنا المجد دائماً.آمين.
يقع تذكار القدّيس النبيّ زكريّا في الخامس من شهر أيلول، وهو والد القدّيس يوحنّا المعمدان، وزوج أليصابات العاقر التي ولدت يوحنّا. وقد ورد ذكره في إنجيل لوقا عندما بشّره جبرائيل، ملاك الربّ، بولادة وحيده يوحنّا (5:1-22)، ويرد ذكره ثانيةً في الإنجيل ذاته عند ولادة يوحنّا (57:1-66)، وينتهي الإصحاح الأوّل من إنجيل لوقا بنشيد نبويّ تلاه زكريّا (67:1-80). ويشير الإنجيليّ لوقا إلى كون زكريّا وزوجته ينتميان كلاهما إلى عائلة من أصل كهنوتيّ، فزكريّا من فرقة أبيّا، أمّا أليصابات فمن سلالة هارون.
أفضل وصف لزكريّا وأليصابات نجده على لسان القدّيس لوقا الإنجيليّ حيث يقول عنهما: "كانا كلاهما بارّين عند الله، سالكين في جميع وصاياه وأحكامه، ولا لوم عليهما" (6:1). والزوجان كانا ينتظران، على غرار شعب الله في العهد القديم، مجيء المسيح المخلّص الذي تحدّث عنه الأنبياء قديمًا. بيد أنّهما كانا متألّمين من عدم الإنجاب، ذلك أنّ العقر كان يعدّ دليلاً على عدم رضى الله عن الزوجين، من هنا قول أليصابات بعد حبلها: "هذا ما صنع الربّ إليّ يوم نظر إليّ ليزيل عنّي العار من بين الناس" (لوقا 25:1). لكنّ الله، على العكس من المعتقدات التي كانت سائدة آنذاك، أعدّ لهما نعمة خاصّة هي إنجابهما يوحنّا السابق الذي يعدّ الطريق لمجيء المسيح المنتظر. فبطل أن يكون العقر بعد حبل أليصابات بيوحنّا عارًا.
ظهر ملاك الربّ على زكريّا في الهيكل وبشّره بأنّ الله قد سمع دعاءه وستلد امرأته أليصابات ابنًا يسمّيه يوحنّا. غير أنّ زكريّا لم يصدّق قول الملاك طالبًا منه علامةً لصحّة كلامه ومذكّرًا إيّاه بأنّه طعن في السنّ، وأنّ الشيب غزا رأسه، بالإضافة إلى كون زوجته عاقرًا. فقال له جبرائيل إنّه سيبقى صامتًا لا يتكلّم إلى حين ولادة الطفل الموعود. واللافت في هذه البشارة أنّ الملاك قد أتى إلى والد الطفل لا إلى أمّه، فيما أتى الملاك إلى مريم يبشّرها بولادة الربّ يسوع. وقـد رأى أوغـسطـينُس المغـبـوط (+430)، في إحـدى عظاته، أنّ الله "خصّ الأب بالخبر لأنّ يوحنّا سيأتي من اقتران الـذكـر بـالأنـثـى"، ولـذلـك أتـى إلـى مـصـدر الـزرع لا إلى مستودع الرحم. وفي المقابل أتى الملاك إلى مريم مبشّرًا وليس إلى يوسف، لأنّ مصدر الزرع ليس يوسف بل الروح القدس.
إذ يتابع أغسطينُس المقارنة بين البشارة بولادة يوحنّا، والبشارة بولادة المسيح من مريم يلاحظ أنّ "يوحنّا يولد لعجوز عاقر، والمسيح يولد لفتاة عذراء. الرحم العاقر يلد يوحنّا، والحشا البتوليّ يلد المسيح. وُلد يوحنّا بعد أن كانت السنّ الطبيعيّة لخصوبة الأبوين قد انقضت، ووُلد المسيح من دون أن تكون لأمّه علاقة زوجيّة". ولا يغفل أغسطينُس الإشارة إلى أنّ الكنيسة تنظر إلى ولادة يوحنّا نظرة مقدّسة، ولذلك "عندما نحتفل بولادة يوحنّا، فإنّما نحتفل بولادة المسيح أيضًا". ويختم أغسطينُس هذه العظة مستعملاً المعنى الرمزيّ للحدث، فيقول: "يولد يوحنّا عند مغيب شمس النهار وإرساء الليل سدوله. يولد المسيح عند انقضاء الظلام وابتداء الصبح بالانبلاج". يتضمّن هذا القول إشارة إلى انتهاء العهد القديم مع ولادة يوحنّا، وإلى بداية العهد الجديد مع ميلاد الربّ يسوع. وفي الإطار عينه يقول القدّيس أفرام السريانيّ (+373) إنّ أليصابات العجوز ولدت "آخر الأنبياء".
بعد ولادة يوحنّا عاد النطق سليمًا إلى زكريّا "وامتلأ من الروح القدس فتنبّأ" (لوقا 67:1). وسجّل له لوقا نشيدًا نبويًّا يربط فيه بين العهدين القديم والجديد، ومذكّرًا فيه بعظائم الله الخلاصيّة في الماضي وملمّحًا إلى بدء تحقّقها مع بزوغ فجر جديد. يؤكّد زكريّا في بداية نشيده على التجسّد والفداء الذي حصل بيسوع المسيح، فيبارك للربّ "لإنّه افتقد شعبه وافتداه". ثمّ يعيد التذكير بالعهد المقدّس، الذي بدأ مع إبراهيم أبينا، الذي خلاصته أن نعبده غير خائفين "في قداسة وبرّ أمامه طوال أيّام حياتنا". ويعتبر أوريجنّس (+235) أنّ في إلماح زكريّا إلى الخلاص من الأعداء والنجاة منهم إشارة إلى "الأعداء الروحيّين لا المادّيّين"، فالمسيح بذل نفسه من أجل القضاء على الخطيئة وتحرير الناس من سلطتها البغيضة.
يتوجّه زكريّا في خاتمة نشيده إلى ابنه، وهو ما زال طفلاً في المهد، بالقول إنّه سيدعى "نبيّ العليّ"، ذلك لأنّه سيـسـير أمـام الـربّ ليعدّ طرقه، وسيعلّم الشعب الخلاص بغفران الخطايا. لا يجد أوريجنّس غرابةً في كلام زكريّا مع ابنه، بل يعتقد أنّ يوحنّا قد فهم ما قاله له أبوه: "عندما سمع يوحنّا بيسوع ارتكض في بطن أمّه، وقفز فرحًا. فلماذا لا تؤمن بأنّ يوحنّا قادر على فهم نبوّة أبيه يوم يولد؟". أمّا كيرلّس الإسكندريّ (+444) فيجد في قول زكريّا ليوحنّا إنّه سيكون نبيّ العليّ أنّ الله سيقيم يوحنّا نبيًّا مثل سائر الأنبياء قبله.
أدرك زكريّا النبيّ أنّ عهد الخلاص قد أزف. وعلى غرار سمعان النبيّ الذي حمل الطفل يسوع على ذراعيه عند تقدمته إلى الهيكل، وعلى غرار حنّة ابنة فانوئيل النبيّة التي أعلنت مجيء الفادي (لوقا 22:2-40)، زكريّا النبيّ كان من مجموعة أبرار عاينت مجيء الربّ فشهدت أنّ الربّ صادق في مواعيده وفي تدبيره الخلاصيّ.
صلاته تكون معنا..ولربنا المجد دائماً.آمين.
alesabat- مشرف
- عدد المساهمات : 230
نقاط : 576
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
العمر : 47
مواضيع مماثلة
» تذكار القديس يوحنا المعمدان النبي السابق وشفيع الأردن / 24 حزيران.
» تذكار القديسين زكريا و اليصابات والدا يوحنا المعمدان / 25 حزيران.
» تذكار القديس يوحنا الإنجيلي / 26 ايلول
» تذكار القديس الرسول يوحنا الأنجيلي / 26 ايلول.
» تذكار القديس يوحنا الإنجيلي البشير / 26 ايلول
» تذكار القديسين زكريا و اليصابات والدا يوحنا المعمدان / 25 حزيران.
» تذكار القديس يوحنا الإنجيلي / 26 ايلول
» تذكار القديس الرسول يوحنا الأنجيلي / 26 ايلول.
» تذكار القديس يوحنا الإنجيلي البشير / 26 ايلول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى