شرح الرموز في القداس الإلهي / ج1

شرح الرموز في القداس الإلهي / ج1

إنّ مراسيم القدّاس الإلهي حافلة بالرموز المختلفة التي تذكّرنا بشخص السيّد المسيح، وأسرار حياته على الأرض.

يقسم القدّاس الإلهي من حيث الرموز إلى أربعة أقسام:

القسم الأوّل: "من تهيئة القربان إلى دورة الإنجيل" ترمز إلى حياة المسيح الخفيّة.

** تهيئة القربان التي تتمّ في أوّل القدّاس، ترمز إلى ميلاد السيّد المسيح.

1- يأتي الكاهن بالخبز على مائدة التقدمة ليقوم بإعداد الذبيحة المقدّمة وفي ذلك إشارة إلى مجيء مريم العذراء إلى مغارة بيت لحم لتلِدَ ابنها البكر. وفي القربان المقدّس المصنوع من الدقيق رمزاً إلى عمل الإنسان الذي يجب أن يضمّ حياته دائماً إلى حياة المسيح فتُقدّس في القدّاس.

2- يقوم الكاهن بعد ذلك باستخراج الحمل من الخبز وفي ذلكَ إشارة إلى خروج السيّد المسيح من أحشاء أمّه الطاهرة. وبعد ذلك يقوم الكاهن باستخراج جزءاً مثلّث الزوايا يوضع عن يمين الحمل رمزاً للعذراء مريم وكذلك تسعة أجزاء يقوم بوضعها على شمال الحمل لترمز إلى طغمات الملائكة والقديسين والرسل والشهداء الذين خلّصهم السيّد المسيح بمجيئه إلى العالم . تحت الحمل يقوم الكاهن بوضع الأجزاء التي تمثّل الأحياء والأموات لكي ينحدر عليها دم الحمل فيغسلها من خطاياها.

3- يسكب الكاهن في الكأس الخمر ثمّ يضيف إليه نقطة ماء، وفي ذلك رمز إلى وجوب ضمّ حياتنا إلى حياة المسيح واستعدادنا الكامل لأن نسلكَ طريقه ونندمج تماماً في شخصهِ.

4- يغطي الكاهن التقدمة بعد ذلك، ثمّ يسجد ثلاث مرّات مثلما سجدَ المجوس ليسوع الطفل، ثمّ يُبخّر التقدمة مثلما فعلَ المجوس عندما قدّموا اللبان "أي البخور" للمسيح.

وعلى هذا فإنّنا نستطيع أن نتبيّن أنّ مائدة التقدمة في أثناء تهيئة الذبيحة تمثّل مغارة بيت لحم، أمّا الصينية فهي ترمز إلى المذود والنجم يشير إلى الكوكب الذي هدى المجوس إلى المغارة، أمّا عن الأغطية فهي ترمز إلى الأقماط التي لفّ بها السيد المسيح عند مولده.

** بعد أن ينتهي الكاهن من تهيئة التقدمة فإنّه يبدأ القدّاس بتبخير الهيكل والشعب والكنيسة فيملأ المعبد من عطر البخور ويحيي بذلك الآتينَ لحضور القدّاس كما كانت العادة عند الشرقيين حيث كانوا يقدّموا لضيوفهم ما يغتسلوا ويتطيبوا به.

بعد ذلك تبدء الطلبات المتواترة تليها المزامير، وذلك يذكّرنا بحياة المسيح الخفيّة التي قضاها في الناصرة بينما كان الصدّيقون والشعوب أجمعون يرسلون بابتهالاتهم إلى السماء منتظرين مجيء المخلّص الفادي.

القسم الثاني: " من دورة الإنجيل وحتى دورة القرابين" "ترمز إلى حياة يسوع العلنيّة"

عندما تصير دورة الإنجيل فإنّ الكاهن يخرج من الباب الشمالي حاملاً الإنجيل فيرمز بذلكَ إلى ظهور السيّد حاملاً البشارة إلى العالم ويتقدّم الكاهن الشموع دلالة على أنّ المسيح هو نور العالم، ويلي الشموع الصليب، ليبيّن بأيّة واسطة أتى السيّد المسيح ليخلّص العالم.

وحينما يظهر الإنجيل للمؤمنين في القدّاس فإنّهم يوجّهون الدعوة لبعضهم البعض لسماع كلمة المسيح والخضوع لتعاليمه، ويؤكّد ذلك بقول الشمّاس أو الكاهن "هلمّوا نسجد ونركع للمسيح" وهو يرسم إشارة بالإنجيل المقدّس دلالة إلى وجوب انتشار الإنجيل وتعاليمه في جميع أقطار العالم، وعلى اختلاف البلاد المنتشرة في جهاته الأربعة.

ـ بعد دورة الإنجيل تأتي "الطروباريّات" وهي مدائح تنشدها أجواق المرنّمين فيها يكرّمون الذين تبعوا المسيح وعملوا بالإنجيل أي القدّيسين ليعطوهم كقدوة ومثل للمسيحيين الحاضرين في القدّاس لكي ما يقتفوا آثارهم.

ـ يتمّ بعد ذلك تلاوة فصل من الرسائل ليصغي الجميع إلى تعاليم الرسسل، وبعد أن يبارك الكاهن القارىء عند نهاية الرسالة فإنّه يبخّر الشعب ليذكّره بأنّه يجب أن يصغي بكلّ نقاوة قلب ورهبة لسماع الإنجيل المقدّس الذي يحمل لنا كرّازة السيّد المسيح وكلامه.

ـ يلي قراءة الإنجيل الطلبات الملحّة والتي تصلّى بلجاجة وإلحاح من قبل الكاهن لتعبّر بها الكنيسة أجمعها عن حاجتها الملحّة العميقة والدائمة إلى رحمة الله ولتعبّر بها الكنيسة أيضاً عن شكرها التام لله تعالى على تعاليمهِ المقدّسة التي أعطاها لنا في كتابهِ المقدّس.