كلام الحياة - من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا الأنجيلي البشير.

كلام الحياة - من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا الأنجيلي البشير.

(لوقا ١٢ : ٢٢ - ٣٢)
قال َلوقا البشير: قَالَ يَسوعُ لِتَلاميذهِ: "لِهَذا أقولُ لَكُم: لا تَهْتَمُّوا لِنَفْسِكُم بِما تَأكُلون، ولا لِجَسَدِكُم بِما تَلْبَسون. فالنَّفْسُ أهَمُّ مِنَ الطَّعام، والجَسَدُ أهَمُّ مِنَ اللِّباس. تَأمَّلوا الغِرْبان، فَهيَ لا تَزْرَعُ ولا تَحْصُد، وليْسَ لَها مَخازِنُ وَأَهْراء، والله يَقوتُها. فَكَمْ أنْتُم بالحَريِّ أفْضَلُ مِنَ الطُّيور؟ وَمَنْ مِنْكُم، إذا اهْتَمَّ، يَسْتطيعُ أنْ يُطيلَ عُمْرَهُ مِقْدارَ ذِراع؟ فَإنْ كُنْتُمْ لا تَسْتَطيعونَ القَليل، فَلِماذا تَهْتَمُّونَ بالباقي؟ تَأمَّلوا الزَّنابِقَ كَيْفَ تَنْمو، وَهِيَ لا تَغْزِلُ ولا تَنْسُج، وَأقولُ لَكُم: إنَّ سُلَيْمانَ نَفْسَهُ، في كُلِّ مَجْدِهِ، لَمْ يَلْبَسْ كَواحِدةٍ مِنْها. فَإنْ كانَ العُشْبُ الَّذي يُوجَدُ اليِومَ في الحَقْل، وَغَداً يُطْرَحُ في التَّنُّور، يُلْبِسُهُ الله هَكَذا، فَكَمْ بِالأحْرى أنْتُم، يا قَليلي الإيْمان؟ فَأنْتُم إذاً، لا تَطْلُبوا ما تَأكُلون، وما تَشْرَبون، ولا تَقْلَقوا، فَهَذا كُلُّهُ يَسْعى إلَيْهِ الوَثَنِيُّونَ في هَذا العالَم، وأبُوكُم يَعْلَمُ أنَّكُم تَحْتاجونَ إلَيْه. بَل ِاطْلُبوا مَلَكوتَ الله، وَهَذا كُلُّهُ يُزادُ لَكُم. لا تَخَفْ، أيُّها القَطيعُ الصَغير، فَقَدْ حَسُنَ لَدى أبيكُم أنْ يُعْطيكُمُ المَلَكوت.

الشرح:
"فلا تَطلبوا أنتم ما تأكلونَ أو ما تَشربونَ ولا تكونوا في قلق"
للخليقةِ جودتُها وكمالُها الخاصّان، لكنّها لم تخرجْ من يَديّ الخالق مُنجزة. لقد خُلِقَت في حالة مسيرة نحو كمالٍ أقصى عليها أن تَبلغَه بعد، كمال أعدَّها الله له. نحن نسمّي عنايةً إلهيّةً التدابير التي يقودُ بها اللهُ خليقتَهُ إلى هذا الكمال...

شهادة الكتاب المقدّس مُطلَقة: إهتمام العناية الإلهيّة واقعيّ وفوريّ، فهي تُعنى بكلِّ شيء، من التفاصيل الأصغر إلى الأحداث الكبيرة في العالم وفي التاريخ. إنّ الأسفار المقدّسة تؤكّد على سيطرة الله المطلقة على مجرى الأحداث: "إلهُنا في السماءِ وعلى الأرضِ، كلّ ما شاءَ صنَعَ" (مز115: 3)؛ وعن المسيح قيلَ: "يفتَحُ فلا يُغلقُ أحدٌ" (رؤ3: 7). "في قلبِ الإنسانِ أفكارٌ كثيرةٌ، لكنّ مشورةَ الربّ هي تَثبُت" (أم19: 21).

طلب يسوع استسلامًا بنويًّا لعناية الآب السماويّ الذي يُعنى بأصغر حاجات أبنائه: " فلا تَهتَمّوا فَتقولوا: ماذا نَأكُل؟ أو ماذا نَشرَب؟ أو ماذا نَلبَس؟... وأَبوكُمُ السَّماويُّ يَعلَمُ أَنَّكم تَحتاجونَ إلى هذا كُلِّه. اطلُبوا أوَّلاً مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه " (متى6: 31-33).