كلام الحياة - من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس مرقس الأنجيلي البشير.

كلام الحياة - من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس مرقس الأنجيلي البشير.

(مرقس ٨ : ٢٢ - ٢٦)
قال مُرقس البشير: وَصَلَ يَسوعُ وتَلاميذُهُ إلى بَيْتَ صَيْدا، فَجاؤوا إليْهِ بِأعْمى وتَوَسَّلوا إلَيْهِ أنْ يَلْمُسَهُ. فَأخَذَ بِيَدِ الأعْمى، وقادَهُ إلى خارِج ِالقَرْيَة، وتَفَلَ في عَيْنَيْه، ووَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وسَألَهُ: "هَلْ تُبْصِرُ شَيْئاً؟". فَرَفَعَ الأعْمى نَظَرَهُ وقال: "أُبْصِرُ النَّاس، أراهُم كَأشْجارٍ وهُم يَمْشون!". فَوَضَعَ يَسوعُ يَدَيْهِ ثانِيَةً عَلى عَيْني الأعْمى، فَأبْصَرَ جَليَّاً، وعادَ صَحيحاً وصارَ يُبْصِرُ كُلَّ شَيءٍ بِوُضوح. فَأرْسَلَهُ يَسوعُ إلى بَيْتِهِ قائِلاً: "لا تَدْخُل ِالقَرْيَة".

الشرح:
"فيكَ قال قلبي: التمسْ وجهَه... لا تحجبْ وجهك عنّي" (مز27: 8-9)
أنا وقح ومتهوّر، يا نجدتي ودعمي الدائم، أنت الذي لا يكلّ أبدًا! أنظر، ها هو حبّ حبّك الذي يدفعني للبحث عن وجهك. أنت تراني؛ وأنا لا أستطيع أن أراك؛ لكنّك جعلتني أرغب فيك، وفي كلّ ما يعجبك فيّ. أنت تغفر فورًا لذاك الأعمى المسرع نحوك، وتمدّ له يدك ما إن تراه يتعثّر.

وإذا بصوت شهادتك يدوّي في عمق نفسي ويستجيب لرغبتي. ها هو يهدر ويزعزع كلّ ما في باطني، فيما يُعمي بريق حقيقتك الساطع عينيّ الداخليّتين. يذكّرني هذا الصوت بما قلته: "فلا تَستَطيعُ أَن تَرى وجهي لأنّه لا يَراني الإنسان وَيحيا" (خر33: 20). أمّا أنا الغارق في الخطيئة، فلم أقوَ حتّى هذا اليوم أن أموت لنفسي كي أحيا لأجلك فقط (2قور5: 15). إنّما بحسب كلمتك ونعمتك، أبقى هنا منتظرًا على صخرة إيماني، في هذا المكان بجانبك (خر33: 21). مرتكزًا على هذا الإيمان، أتحلّى بالصبر قدر المستطاع منتظرًا، وأقبّل "يمينك التي تحميني وذِراعِك التي تسترني" (حك5: 16).

أحيانًا، عندما أتامّل ذلك الذي يراني وأثابر على رؤيته من الخلف (خر33: 23)، وعلى رؤية التواضع الذي تحلّى به المسيح ابنك عندما عاش الحياة الإنسانيّة، أقف وأتأمّل... لقد أضرم القليل ممّا استطعت أن أشعر به وأن أدركه شعلة رغبتي الداخليّة. قلّما أصبر حتّى تظلّلني بيدك (خر33: 22)، وتغرس فيّ نعمتك التي تتألّق كي، وبحسب جواب حقيقتك، أموت لنفسي وأحيا لأجلك ، فأبدأ بتأمّل وجهك وباكتشافه.