تأملات شهر حزيران مع قلب يسوع الأقدس - 14 - قلب يسوع الحزين.

تأملات شهر حزيران مع قلب يسوع الأقدس - 14 - قلب يسوع الحزين.

إنّ الكتاب المقدس يسمّي المسيح "رجل الأوجاع", لأنه حمل في جسده كلّ أوجاعنا. وكذلك, يمكننا أن نُسمّيه رجل الأحزان, لأنّ أوجاع النفس, أي الأحزان, هي أمرُّ بكثير من أوجاع الجسد. وقد أظهر يسوع عِظَم مفعول هذه الأحزان على حياته عندما ترك للحزن مجراه في نفسه الطاهرة, فيقول لنا الإنجيل أنه بدأ يعرق دماً, ثمّ سال دمه من جرّاء الحزن على الأرض.

وهذا الحزن نفسه صحب حياته الإلهيّة, طوال وجوده على الأرض. ولا يزال يشعر به الآن على قدر ما تسمح له طبيعته, كما ظهر هو نفسه للقدّيس بولس, وناداه قائلاً: "لماذا تضطهدني"؟ فكما أنّ الذي يخطأ يهين الله, وكأنه يسبّب له الحزن, كلّ نفس تفعل الخطيئة تهين القلب الأقدس وتسبّب له الأحزان. ولا تزال الخطيئة, إلى الآن, تُحدث هذا المفعول السّيئ وتسبّب الحزن لقلبه الأقدس.

لقد كانت نتيجة حزن يسوع على الخطيئة أنه نال لنا من أبيه الأزليّ التوبة عن خطايانا. وهذه التوبة تُبرّر النفس بقوّة أحزان المسيح وآلامه. فالذي يعترف بخطاياه يغتسل بدم المسيح ويستفيد من أحزانه وموته. فلنُسرع إذا إلى التوبة, طالبين المغفرة من سيدنا يسوع المسيح, ومعوّضين عن أحزانه بالدموع التي نجريها, أسفاً على ذلك.

ولكن لا يلزم أن نقلق بسبب توبتنا, إذا كنّا لا نشعر حسّياً بالحزن الشديد على الخطايا, لأنّ الندامة الحقيقيّة لا تقوم بالحسّ فقط, بل بالإرادة.

ويجب أن تكون توبتنا حقيقيّة, أي مع بُغض الخطيئة والقصد بعدم الرجوع إليها. ويجب أن تكون سامية, صادرة عن مبدأ فائق الطبيعة, وشاملة كلّ الخطايا. وهكذا نتحقق مع الرسول بولس بأن الحزن على الآثام من أجل الله يصنع ندامة صادقة.