عظة الأحد السادس عشر من زمن العنصرة.
صفحة 1 من اصل 1
عظة الأحد السادس عشر من زمن العنصرة.
عظة الأحد السادس عشر من زمن العنصرة.
اللهمّ, إصفح عني أنا الخاطئ (لوقا ١٨ : ٩ - ١٤).
إنجيل الأحد:
قال لوقا البشير: قالَ يسُوع هَذا المَثَلَ لأُناسٍ يَثِقونَ في أَنْفُسِهِم أَنَّهُم أَبْرار، ويَحْتَقِرونَ الآخَرين: "رَجُلانِ صَعِدا إلى الهَيْكَلِ لِيُصَلِّيا، أَحَدُهُما فَرِّيسيٌّ والآخَرُ عَشَّار. فَوَقَفَ الفَرِّيسيُّ يُصَلِّي في نَفْسِهِ ويَقول: أللَّهُمَّ، أَشْكُرُكَ لأَنِّي لَسْتُ كَباقي النَّاسِ الطَّمَّاعينَ الظَّالِمينَ الزُّناة، ولا كَهَذا العَشَّار. إنِّي أَصومُ مَرَّتَيْنِ في الأُسْبوع، وأُؤَدِّي العُشْرَ عَنْ كُلِّ ما أَقْتَني. أَمَّا العَشَّارُ فَوَقَفَ بَعيداً وهُوَ لا يُريدُ حَتَّى أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيهِ إلى السَّماء، بَلْ كانَ يَقْرَعُ صَدْرَهُ قائِلاً: أللَّهُمَّ، إصْفَحْ عَنَّي أَنا الخاطِئ! أَقولُ لَكُم إنَّ هَذا نَزَلَ إلى بَيتِهِ مُبَرَّراً، أَمَّا ذاكَ فَلا! لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُواضِع، ومَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع".
تفسير الإنجيل:
في هذا الأحد قبيل عيد ارتفاع الصليب المقدّس, اختارت لنا الكنيسة قراءة من رسالة بولس الرسول إلى أهل روما, يشدّد فيها على أنّ لا شيء على هذه الأرض يوازي المجد الذي ننتظره كلنا بفارغ الصبر, ذلك المجد المبني على الرجاء. ويؤكد بولس على دور الروح القدس في الصبر, الروح القدس الذي يشفع للمؤمنين عند الله بأنات لا توصف. في حين يشدّد الإنجيل على أهمية التواضع في حياة الإنسان, وأهمية الإقرار بالخطايا أمام الله. والمسيح يؤكد على أهمية ذلك الإقرار حيث يختم بقوله: "إنّ العشار قد نزل إلى بيته مبررا".
في إنجيل هذا الأحد, يريد يسوع أن يعلم التلاميذ كيفية الصلاة. فيعرض نموذجين مختلفين من المصلين, أحدهما فرّيسيّ والآخر عشـّار, ويتهجم على الواثقين من أنفسهم أنهم أبرار. لا شكّ في أنه يتوجه في حديثه إلى الفرّيسيين طالبا منهم أن يغيروا طريقة تفكيرهم الخاطئة, فيتبنوا طريقة واقعية تقرّبهم أكثر إلى الله.
أولا: الفرّيسيّ البار - طوال رسالة يسوع العلنية, شكـّل الفريسيّون فريقا مناهضا ليسوع, لذلك نراه يواجههم باستمرار وينتقد سلوكهم الإجتماعي والديني. الفرّيسيون هم أشخاص متدينون يدرسون أحكام الشريعة ويطبقونها في حياتهم ولا يهملون فرائضها. يلاحظ الناس تقواهم وتدينهم, لذلك يحترمونهم ويعتبرونهم مثال الفضيلة. يقول المثل الذي نعالجه إنّ الفريسيّ وقف في الهيكل ليصلي, ولكننا لا نراه يطلب شيئا من الله في صلاته, بل هو يشكره على النِعم التي أغدقها عليه, وبالفعل لا ينقصه شيء, فهو يصوم ويصلي ويدفع الضرائب ويحفظ نفسه من الوقوع في الخطايا التي تحرّمها الشريعة. ذاك الفرّيسيّ ليس خبيثا مدّعيا الإستقامة, بل يستعرض أمام الله واقع حياته بدقة وأمانة, ويحاول أن يميز نفسه عن العشار.
لكنّ الرب يسوع يرفض هذا الموقف في الصلاة وينتقد بعنف تصرفات الفرّيسيّ الذي يثق بنفسه ثقة مفرطة, معتبرا أنّ أعماله تجعله مستحقا رضى الله. لا يستطيع الإنسان وحده أن يدّعي البرارة لأنها عطيّة وهبة من الله لخائفيه. نحن نعترف بفضائل ذاك الفرّيسيّ لأنه يعيش فعلا حياة مستقيمة, لكنه لم يعترف بمجانية رحمة الله. فقد ظنّ أنه بالوصايا التي يحفظها يستطيع أن ينتزع من الله الحياة الأبدية, ولكنها هبة ممنوحة منه تعالى للمختارين.
ثانيا: العشّار الخاطئ - وقف العشّار أمام الله مثل الفرّيسيّ, لكنه فارغ اليدين, لا يملك الفضائل ولا الأعمال الحسنة, بل يحمل الخطايا المشتهرة, لأن الجميع يعلمون بتواطئه مع الغريب الرومانيّ المحتلّ, وهو يجبي الضرائب متظلما على الناس, ويكرّس حياته للظلم والفساد. قرع صدره قائلا: "اللهم, ارحمني أنا الخاطئ". أدرك ذاك العشّار النواحي المظلمة في حياته, وعلِم أنها تـُبعِده عن الله. فأقرّ بها طالبا الغفران. لهذا السبب خرج من الهيكل مُبررا أكثر من الفرّيسيّ. هذه هي التوبة الحقيقية, فالمسيحيّ ليس إنسانا بارّا يستحقّ الحياة الأبديّة بسبب إيمانه وقيامه بواجباته الدينية, بل هو إنسان مُبرر أنعَم عليه الله بالغفران.
لا أستطيع أن أعيش إن كنت لا أغفر! هذا ما قالته إمرأة رأت أفراد أسرتها يُذبحون أمامها. لا تستطيع أن تنسى, ولكنها تريد أن تعيش. لقد اكتشفت شيئا فشيئا أنّ البغض يُولـّد الشرّ. وقرأت الإنجيل فانتزع منها البغض. هي تغفر لكي تستطيع أن تحيا, لأن الحياة أقوى من الموت.
هل اختبرنا يوما أنّ المغفرة تقتل فينا سمّ البغض الذي يقتلنا قبل أن نصبح قتلة بدورنا؟ الغفران يشفي ذاك الذي يغفر ويُخلـّص من يناله. حين تبدو لنا المغفرة مستحيلة, فلنفكـّر بنفوسنا ولنقل: إغفر لنا يا ربّ, كما نحن غفرنا!
اللهمّ, إصفح عني أنا الخاطئ (لوقا ١٨ : ٩ - ١٤).
إنجيل الأحد:
قال لوقا البشير: قالَ يسُوع هَذا المَثَلَ لأُناسٍ يَثِقونَ في أَنْفُسِهِم أَنَّهُم أَبْرار، ويَحْتَقِرونَ الآخَرين: "رَجُلانِ صَعِدا إلى الهَيْكَلِ لِيُصَلِّيا، أَحَدُهُما فَرِّيسيٌّ والآخَرُ عَشَّار. فَوَقَفَ الفَرِّيسيُّ يُصَلِّي في نَفْسِهِ ويَقول: أللَّهُمَّ، أَشْكُرُكَ لأَنِّي لَسْتُ كَباقي النَّاسِ الطَّمَّاعينَ الظَّالِمينَ الزُّناة، ولا كَهَذا العَشَّار. إنِّي أَصومُ مَرَّتَيْنِ في الأُسْبوع، وأُؤَدِّي العُشْرَ عَنْ كُلِّ ما أَقْتَني. أَمَّا العَشَّارُ فَوَقَفَ بَعيداً وهُوَ لا يُريدُ حَتَّى أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيهِ إلى السَّماء، بَلْ كانَ يَقْرَعُ صَدْرَهُ قائِلاً: أللَّهُمَّ، إصْفَحْ عَنَّي أَنا الخاطِئ! أَقولُ لَكُم إنَّ هَذا نَزَلَ إلى بَيتِهِ مُبَرَّراً، أَمَّا ذاكَ فَلا! لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُواضِع، ومَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع".
تفسير الإنجيل:
في هذا الأحد قبيل عيد ارتفاع الصليب المقدّس, اختارت لنا الكنيسة قراءة من رسالة بولس الرسول إلى أهل روما, يشدّد فيها على أنّ لا شيء على هذه الأرض يوازي المجد الذي ننتظره كلنا بفارغ الصبر, ذلك المجد المبني على الرجاء. ويؤكد بولس على دور الروح القدس في الصبر, الروح القدس الذي يشفع للمؤمنين عند الله بأنات لا توصف. في حين يشدّد الإنجيل على أهمية التواضع في حياة الإنسان, وأهمية الإقرار بالخطايا أمام الله. والمسيح يؤكد على أهمية ذلك الإقرار حيث يختم بقوله: "إنّ العشار قد نزل إلى بيته مبررا".
في إنجيل هذا الأحد, يريد يسوع أن يعلم التلاميذ كيفية الصلاة. فيعرض نموذجين مختلفين من المصلين, أحدهما فرّيسيّ والآخر عشـّار, ويتهجم على الواثقين من أنفسهم أنهم أبرار. لا شكّ في أنه يتوجه في حديثه إلى الفرّيسيين طالبا منهم أن يغيروا طريقة تفكيرهم الخاطئة, فيتبنوا طريقة واقعية تقرّبهم أكثر إلى الله.
أولا: الفرّيسيّ البار - طوال رسالة يسوع العلنية, شكـّل الفريسيّون فريقا مناهضا ليسوع, لذلك نراه يواجههم باستمرار وينتقد سلوكهم الإجتماعي والديني. الفرّيسيون هم أشخاص متدينون يدرسون أحكام الشريعة ويطبقونها في حياتهم ولا يهملون فرائضها. يلاحظ الناس تقواهم وتدينهم, لذلك يحترمونهم ويعتبرونهم مثال الفضيلة. يقول المثل الذي نعالجه إنّ الفريسيّ وقف في الهيكل ليصلي, ولكننا لا نراه يطلب شيئا من الله في صلاته, بل هو يشكره على النِعم التي أغدقها عليه, وبالفعل لا ينقصه شيء, فهو يصوم ويصلي ويدفع الضرائب ويحفظ نفسه من الوقوع في الخطايا التي تحرّمها الشريعة. ذاك الفرّيسيّ ليس خبيثا مدّعيا الإستقامة, بل يستعرض أمام الله واقع حياته بدقة وأمانة, ويحاول أن يميز نفسه عن العشار.
لكنّ الرب يسوع يرفض هذا الموقف في الصلاة وينتقد بعنف تصرفات الفرّيسيّ الذي يثق بنفسه ثقة مفرطة, معتبرا أنّ أعماله تجعله مستحقا رضى الله. لا يستطيع الإنسان وحده أن يدّعي البرارة لأنها عطيّة وهبة من الله لخائفيه. نحن نعترف بفضائل ذاك الفرّيسيّ لأنه يعيش فعلا حياة مستقيمة, لكنه لم يعترف بمجانية رحمة الله. فقد ظنّ أنه بالوصايا التي يحفظها يستطيع أن ينتزع من الله الحياة الأبدية, ولكنها هبة ممنوحة منه تعالى للمختارين.
ثانيا: العشّار الخاطئ - وقف العشّار أمام الله مثل الفرّيسيّ, لكنه فارغ اليدين, لا يملك الفضائل ولا الأعمال الحسنة, بل يحمل الخطايا المشتهرة, لأن الجميع يعلمون بتواطئه مع الغريب الرومانيّ المحتلّ, وهو يجبي الضرائب متظلما على الناس, ويكرّس حياته للظلم والفساد. قرع صدره قائلا: "اللهم, ارحمني أنا الخاطئ". أدرك ذاك العشّار النواحي المظلمة في حياته, وعلِم أنها تـُبعِده عن الله. فأقرّ بها طالبا الغفران. لهذا السبب خرج من الهيكل مُبررا أكثر من الفرّيسيّ. هذه هي التوبة الحقيقية, فالمسيحيّ ليس إنسانا بارّا يستحقّ الحياة الأبديّة بسبب إيمانه وقيامه بواجباته الدينية, بل هو إنسان مُبرر أنعَم عليه الله بالغفران.
لا أستطيع أن أعيش إن كنت لا أغفر! هذا ما قالته إمرأة رأت أفراد أسرتها يُذبحون أمامها. لا تستطيع أن تنسى, ولكنها تريد أن تعيش. لقد اكتشفت شيئا فشيئا أنّ البغض يُولـّد الشرّ. وقرأت الإنجيل فانتزع منها البغض. هي تغفر لكي تستطيع أن تحيا, لأن الحياة أقوى من الموت.
هل اختبرنا يوما أنّ المغفرة تقتل فينا سمّ البغض الذي يقتلنا قبل أن نصبح قتلة بدورنا؟ الغفران يشفي ذاك الذي يغفر ويُخلـّص من يناله. حين تبدو لنا المغفرة مستحيلة, فلنفكـّر بنفوسنا ولنقل: إغفر لنا يا ربّ, كما نحن غفرنا!
ندى الور- مساعد المشرف العام
- عدد المساهمات : 2691
نقاط : 7825
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
العمر : 47
مواضيع مماثلة
» عظة الأحد السادس لزمن العنصرة.
» صلاة الأحد السادس لزمن العنصرة.
» عظة الأحد الخامس لزمن العنصرة.
» عظة الأحد الثامن لزمن العنصرة.
» عظة الأحد الثالث لزمن العنصرة.
» صلاة الأحد السادس لزمن العنصرة.
» عظة الأحد الخامس لزمن العنصرة.
» عظة الأحد الثامن لزمن العنصرة.
» عظة الأحد الثالث لزمن العنصرة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى