تأملات شهر حزيران مع قلب يسوع الأقدس - 29 - النيّة المستقيمة.

تأملات شهر حزيران مع قلب يسوع الأقدس - 29 - النيّة المستقيمة.

إنّ الواسطة التي بها نقدر أن نتّحد بقلب يسوع, هي النيّة المستقيمة التي لها تأثير قويّ في قلب يسوع, حتى أنها تجعلنا ندخل إليه بسهولة. فما أسعد من يتّخذ هذه النيّة, ليذهب فيسكن في ذلك المقرّ!

أنّ الرب يسوع ينبهنا إلى النيّة المستقيمة: "إذا كانت أعيننا بلا عيب, فجسدنا كلّه يكون نيّراً, وإن كانت شرّيرة, فجسدنا كلّه يكون مظلماً. وما المراد بالعين إلا النيّة. فكأنّ الربّ حصر الإنسان كلّه في هذه النيّة. وبذلك فكلّ الأعمال التي تنتج عن النيّة المستقيمة يكون لها قيمة. والتي تصدر عن غير هذه النيّة لا قيمة لها.

إنّ أعمال الفضائل التي نمارسها تكون مستقيمة بثلاثة أنواع:

أولا: إذا صنعناها لكي ننال من الله الخيرات الجسديّة, كما لو كنّا نعطي الصدقات, ونوزّع حسنات قداديس, أو نصوم أصواماً طويلة, لكي ينقذنا الله من المرض. فهذه النيّة هي جيدة شرط أن تكون مصحوبة بالتسليم إلى إرادة الله. ولكنّها ليست هي الكاملة, لأنّ غايتها لا تعلو أكثر من سطح الأرض.

ثانياً: إذا كنّا نصنع أعمالنا لكي نفي للعدل الإلهيّ, ونتخلّص من القصاصات المتوجّبة على خطايانا, أو لكي ننال من الله الخيرات الروحيّة, مثل الفضائل والإستحقاقات ودرجة أعظم في السماء. فهذه النيّة هي أكمل من الأولى بكثير.

ثالثاً: وهي الأكمل: أن لا نقصد من أعمالنا سوى مجد الله وتتميم إرادته. فهذه النيّة هي ذات الأجر الكبير, لأنّه على قياس ما ننسى نفسنا في أعمالنا الصالحة, يفيض الله علينا من نِعمه, كما قال يوماً للقديسة كاترينا السيانيّة: "يا ابنتي, افتكري بي وأنا أفتكر بك!" وهذا معنى قول عروس النشيد: "أنا لحبيبي وقلبه يميل إليّ".

فأفضل العبادات التي نقدّمها لقلب يسوع هي أن نصنع أعمالنا كلّها لإرضائه, ولا نقصد غير ذلك, فنكون قد تمّمنا كل ما هو متوجّب علينا نحو القلب الإلهيّ.